حلم و تأويل رؤيا الزمن بالنسبة للتعبير

‏1 – الزمن بالنسبة للتعبير: ‏نلحظ عند بعض المعبرين أنه بعد تعبير الرؤيا أنه يقول:ستقع هذه الرؤيا بعد كذا وكذا، بالأيام أو الأشهر أو السنوات ، وبعضهم يبالغ حتى تجده يقول أحيانأ تواريخ متشابهة ، مثلا : ستقع رؤياك في اليوم الثالث من الشهر الثالث بعد ثلاث سنوات ، وبعضهم يقول: ستقع في تاريخ كذا قبله بأشهر أو بعده أشهر، فلا يحدأ كسابقه. ‏وبعد بحثي لهذا الموضوع وجدت عدة نصوص ثابتة ، أعرضها عليكم وأعلق عليها بما يفتح الله فأقول : ‏الدليل الأول : ‏في قصة يوسف , حبن رأى بوسفه عليه الصلاة والسلام رؤباه وقصها على والده بقوله لأبيه : إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين (يوسف : 4 ‏). ‏قال أهل العلم : تحققت هذه الرؤيا بعد أربعين سنة, حين جمع الله شمل يوسف بأبويه واخوته الأحد عشر, وسجد الكل له تحية وتعظيما كما قص القران قصته . ‏قال تعالى: أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (يوسف: 100 ‏). ‏إذا هذه الرؤيا من يوسف وهو غلام صغير عمره سبع سنوات تحققت في مصر حرفيأ , فجلس يوسف على عرشه وخر له أبواه واخوته ساجدين ويلاحظ أن رؤيا يوسف من الرؤى الصادقة التي لا تحتاج الى تعبير , بل تقع كما رؤيت , والمهم هنا أن تأويل الرؤيا تأخر أربعين سنة بدليل حديث سلمان الفارسي قال: ‏كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عامأ وقال ابن حجر بعده . رواة الطبري , والحاكم والبيهقي بسند صحيح (1) . ‏الدليل الثاني: ‏في قصة يوسف أيضأ , بعد أن دخل السجن , ورأى الملك رؤيا أزعجته وطلب من يأولها له عند رجال العلم والدولة من حوله وعقد لذلك الاجتماعات ء وقال لهم: وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ( 43 ) . ( قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ( 44 ) ( يوسف 44 43 , والحقيقة أن جواب هولاء يشبه جواب بعض العامة الذين لا يتورعون عن الاجابة عن تعبير الرؤى فيقولون مثلا : الموت طولة عمر , والبكاء ضحك وهذا قد يكون من القول على الله بغير علم , أو تجدهم كهذه الحاشية بيدؤن الجواب ثم ان استفسر منهم التفتوا يمنة ويسرة هربأ أو بحثا عمن وجه له السؤال. ‏والذي يهمنا أن يوسف حين عبر الرؤيا أجاب وحدد الزمن بقوله قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴿٤٧﴾ ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا… تفسير الاحلام حلم و تأويل رؤيا الزمن بالنسبة للتعبير

حلم و تأويل رؤيا التعبير والمعبرون

…أي ملهمون وقيل: مصيبون وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم . فإن يكن في امتي منهم احد فإن عمر بن الخطاب منهم متفق عليه (6). ‏وقد أخبر كثير من الأولياء عن أموو مغيبة , فكانت كما اخبروا وهذا من الالهام , وقد نتساءل ما الإلهام ولماذا قل اليوم؟ فأقول: قال الامام ابن حجر في الفتح: وكان السر في ندور الإلهام في زمنه صلي الله علية وسلم وكثرته من بعده , غلبة الوحي اليه صلي الله علية وسلم من في اليقظة وارادة إظهار المعجزات منه , فكان من المناسب أن لا يقع لغيره منه في زمانه شيء, فلما انقطع الوحي بموته وقع الالهام لمن اختص الله به للأمن من اللبس في ذلك. . وفي انكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة ممن أنكره. وقد فصل ابن حجر في الفتح الفرق بين الالهام والرؤيا وذكر أن الالهام هو: ما حرك القلب لعلم يدعر الى العمل به من غير استدلال وحكاه عن أبي زيد الدبوسي من أئمة الحنفية , قال والذي عليه الجمهور أنه لا يجوز العمل به الا عند فقد ‏الحجج كلها في باب المباح , وذكر كلامأ اخر نفيسا. ‏وقد كان الرسول صلي الله علية وسلم أحيانأ يقص الرؤيا على الصحابة فيعبرها أحدهم فيقره على تعبيره , وهذا من باب التعليم منه صلي الله علية وسلم ومما يروى في هذا ما جاء عن ابن شهاب قال: راى النبي صلي الله علية وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: يا أبا بكر , رايت كأني استبقت انا وانت درجة فسبقتك بمرقأتين ونصف والمرقاه : الدرجة. ‏فقال أبو بكر: يا رسول الله , يقبضك الله الى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفأ. وهذا الحديث ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى وعزاه لابن سعد لكنه مرسل (7). وهذه فراسة من أبي بكر. ‏قال ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) (8): ان الفراسة كانت وستظل منزلة من منازل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (9) وما ذاك الا لأنها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والحالي والعاطل والصادق والكاذب. ‏وقوله الحالي والعاطل: الحالي هو من تزين وتحلى، والعاطل ضدة , يقال : عطلت المرأة أي خلت من الحلي فهي عاطل , والمراد أنة يفرق بين الشئ وضدة ‏وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان , فمن كان أقوى إيمانأ فهو أحد فراسة. ‏وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف ‏حيث قال لامرأته: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) (يوسف: 21 ‏). ‏وابنة شعيب حين قالت : استئجره (القصص: 36). ‏وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حين استخلفة. ‏وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يتحلون بها , وكان الصديق رضي الله عنه في مقدمتهم فهو أعظم الأمة فراسة وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فإنه ما قال لشيء: أظنه… تفسير الاحلام حلم و تأويل رؤيا التعبير والمعبرون